ما الذي يدفع شخصاً ما إلى فتح مدوّنة على موقع إخباري يتعاطى السياسة عوضاً عن المواقع المتخصصة لاستضافة المدونات؟ سبب أساسي: إعجابه بالموقع الإخباري ذاته وبالتوجه السياسي والثقافي الذي يروِّج له الموقع. فإلى أي حد، إذاً، تتوافق طبيعة التدوين الفردية مع استضافة المواقع الإخبارية (التابعة للإعلام الرئيسي main stream media) للمدونات؟ لنأخذ حالة من الممكن جداً حدوثها: مدون معارض قام صباحاً بمزاج عكر، شاهد على التلفزيون أفراد قوات الأمن المركزي ينهالون بالهراوات على متظاهرين في الشارع. سينهض المدون ويتوجه تواً إلى كمبيوتره، ويكتب تدوينة طويلة في مدونته الخاصة يشتم فيها طريقة تغطية الإعلام، وقوى الأمن، والمخابرات، والنظام الحاكم.فلنتخيل الشخص ذاته مدوِّناً في موقع إخباري: هل سيسمح الموقع الإخباري بتدوينة كهذه؟تُدرج شروط وقوانين النشر في »مدونات إيلاف« التابع للموقع الإخباري »إيلاف«، [&hellip
المزيد...إعلان حزبي آخر ينتشر على الطرقات. هذه المرة لحزب الكتائب. لوحات دعائية مزروعة على جانبي الطرقات. اللوحات الأساسية أربع: اللوحة الأولى: “1943 . للانتداب حطينا نقطة على السطر”. للوهلة الاولى، يُدهَش المرء لهذا الانتقاء الذي لا يصرف في الكلام اليومي للساسة الراهنين (لفظ الانتداب). يظن المرء أنه إزاء إعلان حزبي مختلف، يستعيد إنجازاً وطنياً جامعاً بغض النظر عن فردية الإنجاز (حطينا). بهذه الاستعادة التاريخية غير “المحروقة”، يخمِن الناظر أنه سيكون أمام انتقاءات مختلفة عن المعهود، لكن اللوحة الثانية من سلسلة الإعلانات تعيد الأمور إلى نصابها المعهود: “1958. للتبعية حطينا نقطة على السطر”. اختفت الدهشة الأولى. حلت مكانها دهشة من نوع آخر. “وضعنا” حداً “لـلتبعيين”. لا يفسِّر الإعلان من هم التبعيون، لكن العارف بالتاريخ اللبناني يدري أن حزب الكتائب يقصد ـ [&hellip
المزيد...هنا، بين عائلاتنا، عادةً ما يرتَّب اجتماع عند موت شخص: في أي قبر يدفن؟ في قبر زوجته، أم قرب عظام إخوته في قبر العائلة؟ في هذه المقبرة أم تلك؟ حجم القبر؟ ممّ هو مصنوع؟ رخام أم بلاط عادي؟ نوع الخط المكتوب فوق القبر؟ نسيّج القبر بحدائد أم نتركه كما هو؟ نجعله أعلى قليلاً من المعتاد أم نبقيه على نمطه الكلاسيكي؟ هذه قرارات مصيرية تحدد وجهة الزيارات والأدعية والصلوات الآتية. الكل متأكد عند كل عيد من قبر فقيده. يأتون له بالآس، والورود والزنبق الأبيض، وفوق القبر يجلسون. بعضهم يقرأ في كتاب مقدّس والآخر ينتحب. تماماً كما في بداية فيلم »العائد« الاسباني للمخرج الإسباني بيدرو ألمودفار. في المشهد الابتدائي المَلـَك: الفتيات كلهنَّ صبيحة نهار ينظفْنَ القبور. ثلاث منهنَّ منهمكات في تنظيف قبر [&hellip
المزيد...تحت عنوان “إعلان كريم عبد العزيز يسخر من الهجان”، نشرت جريدة “اليوم السابع” المصرية (عدد 5 أيلول 2008) مقالاً تنتقد فيه إعلان المشروب الغازي الذي يشارك فيه الممثل كريم عبد العزيز. في الإعلان يقول الرجل (ممثلاً دور محسن ممتاز في مسلسل “رأفت الهجان”) لكريم: “الكوكا أمانة في رقبتك يا رأفت”، على خلفية موسيقى المسلسل، في استعادة للجملة الشهيرة التي تلفّظ بها الممثل محمود عبد العزيز، لكن مع استبدال كلمة “مصر” في العبارة القديمة بـ”الكوكا”. يستشهد المقال بأقوال ناقدتين (خيرية البشلاوي وماجدة موريس) اللتين تتحدثان في سياق مشابه عن الإعلان بوصفه “عبثاً بتاريخ بطل ضحّى من أجل مصر”. في الفترة ذاتها، تلقى الناقد طارق الشناوي رسائل الكترونية غاضبة من الإعلان، ما دفعه للكتابة تحت عنوان “هجان بالكوكاكولا!” (الدستور المصرية، عدد 6 [&hellip
المزيد...في رمضان 2008، يبدو مسلسل »ناصر« الأقرب إلى تجربة »الملك فاروق«: طاقم ممثلين مصريين بإدارة مخرج دراما سورية، لكن بإنتاج غير سوري، محاطاً بطاقم تقني مصري ـ سوري وفريق ماكياج إيراني انتقاه المخرج. إذا كان »الملك فاروق« قد كسب العام المضي بسبب سوية فنية كان سببها الرئيسي مخرج العمل، ولطرحه المغاير لكل السير والقصص السابقة الشائعة عن فاروق والتي تمّ إيرادها على طريقة النسخ واللصق في كل الدراما السابقة التي تطرقت من قبل للملك، فإن »ناصر« يواجه مهمة أصعب: بعد »ناصر 56« لمحمد فاضل، و»جمال عبد الناصر« للقوادري، »أم كلثوم« لإنعام محمد علي، و»العندليب« لجمال عبد الحميد ومسلسلات أخرى ظهرت فيها شخصية الرئيس المصري إما جزئياً وإما بالتفصيل، ما الجديد الذي سيضيفه مسلسل »ناصر« ليسري الجندي وباسل الخطيب؟ ما زال [&hellip
المزيد...بنقرات بسيطة، يصبح الفرد مدوناً. يدخل إلى موقع متخصص كـ»بلوغر« أو »وورد برس« أو »مكتوب« أو خلافه، ينشئ حساباً، ينتقي اسماً لمدونته وآخر له، ويبدأ التدوين. لكن، ما الذي يدفع الواحد منا لفعل ذلك؟ ما الذي يجعله يحضر كوب شاي، يجلس إلى كرسيه، ينظر إلى الشاشة، ويعزم أن ينشئَ صفحة خاصة به؟ ما الذي يدفع به إلى إخراج ما في دفتر يومياته المقفل إلى العالم الافتراضي وجعله مشرَّعاً أمام القراء؟ هل هو السأم؟ هل هي الرغبة بمظهرة اختلاف وتميُّز مع التخفي وراء أسماء مستعارة؟ ولِمَ يملك مدون أول الجرأة على الإفصاح عن هويته فيما يبقي ثانٍ هويته مجهولة؟ تلك أسئلة تحكمها إجابات فردية تأبى التعميم، فأكثر صفتين تلازمان التدوين هما العفوية والفردية. تبدو المنتديات كشوارع صاخبة يتعالى منها الكلام العالي [&hellip
المزيد...بيروت السبعينيات: القاعة ممتلئة. أبو عمار في الصف الأول فيما الشباب يملأون القاعة. الفتيان ينتظرون نضالاً وقصيدة، الفتيات ينتظرن نضالاً وقصيدة و… عينيْن خضراويْن. هذه سنوات نضال، والنضال بِكرٌ لم يثلوَّث بعد. يدخل صاحب العينيْن الخضراويْن القاعة. تلتهب الأكف بالتصفيق. يشدو بقصيدة، بقصيدتين، بأكثر. حب. نضال. وطن ضائع. يحزن، يمزح، يكتشف فجأة كوفية الرئيس في المقدمة، فيعتذر عن عدم ترحيب مسبق، ويعتذر عن ملل قد تسببه أي قصيدة لاحقة مرسلاً نكتة في بيت قصيدة، لتصفق بعدها الأكف. في الخارج، في قبو مصنوع من أكياس رمل، يمسِّد فدائي سلاحه. ينظفه. يسمع القصيدة من المذياع، ملحوقةً بالأغنية. وتدخل بعدها حبيبته، بشعر قصير، بأنوثة أقل، بملابس عسكرية داكنة لكن من دون أن تحمل سلاحاً. يحتضنها ويستندان إلى أكياس الرمل. يستمعان إلى القصيدة سوياً. [&hellip
المزيد...أنا بائس. خبر قديم، أعرف. لكن لا ضَيْرَ من الإعادة. لا تحاسبوني على إعادة تصريح شخصي وحميم، وأنتم تستمعون للتصريحات ذاتها منذ ثلاثة أعوام. لم تعد السموات تكفي المركبات الفضائية التي اخترعتُها في خيالي صغيراً، وسيَّرْتُها فوقي. قيل لي يوماً إنَّ مركبة اصطدمت بأخرى فوق، وإنَّ “إي تي” رفع عليَّ دعوى قضائية لتحطيم إحدى مركباتي بيته. قال إنه لم يقضِ أكثر من ربع قرن في مخيَّلة الصغار وهو يردِّد جملته الشهيرة: “هوم… هوم”، حتى يأتي شاب أخرق مثلي بمركبته المُتَخيَّلة ليحطِّمَ ما تبقى من بيته الذي يحتاج أصلاً إلى إصلاحات. وعليه، طالب بليرة لبنانية واحدة عطلاً وضرراً. هه، يا للهزء. هه، يا للعبث. *** في فيلم “شون بين”، الذي أشاهده على الشاشة الآن، وفي هذه اللحظة بالذات، شاب ترك وراءه [&hellip
المزيد...ولدَت ميرون منذ ثلاثة أعوام. (سمعتُ مرةً راسِمتها تقول إنها أسمتها باسم قرية تقع في شمالي أرضٍ محتلة قريبة، هي نفسها لم تدسْها. لم تفهم ميرون ذلك وقتها، ولكنها برَّرت لراسمِتها بعد ذلك وطأة اسمها الذي اختارته لها).تقول ميرون إنها في وضع لا يسمح لها بالكلام، لذلك، تلجأ بعض الأحيان إلى الصمت والصورة الجامدة (وإن كرهت ذلك راسمتها). فالجمود، بعكس الظاهر، هو أكثر ما يعبر عمّا حدث ويحدث، وسيحدث. ولهذا، لهذا فقط، تصمت وتحتضن كل ما ومن حولها.ميرون تحب القمر (بدراً أم هلالاً)، البالونات، الفراشات، أغصان الأشجار الممتدة فوق، والنغمات المتطايرة في فراغات الهواء المحيط بها.وهي تملك ضفيرتيْن سوداوين، يزدادان طولاً بمرور الأحداث من حولها. وهي تحرص على تسريحهما بنفسها كل صباح. (أحياناً تطلب من راسمتها أن تنتظر قليلاً حتّى [&hellip
المزيد...