ليست المرة الأولى التي تتمظهر فيها الهوية السياسية الضيقة للشاشات اللبنانية المحلية. ولا المرة الأولى التي تلعب فيها بعض وسائل الإعلام على أوتار الرهاب الطائفي والمذهبي، والهوية الحزبية الضيقة، والإرث الكلامي لمرحلة الحرب اللبنانية وما تلاها. المسألة سابقة لظهور النشرات السياسية، وكرست قانونيًا مع رخصات المحطات التلفزيونية، مع استثناءات قليلة بتغيّر الوجهات السياسية لنشرة أخبار أولى، أو مع بعد أكثر اختلاطًا في طاقم أو مقاربة قناة ثانية. إلا أن المسألة آخذة في التمادي المجهري، من السياسة العامة للمحطة، مرورًا بالمقدمات والتقارير التلفزيونية وصولًا إلى الأخبار الاستقبالية المفروضة في بعض النشرات انتهاءً بـِ.. البرامج. المثل البرنامجي الأول لهذا التمادي هو “دي أن آي” (التحليل الإخباري اليومي)، والذي يقدمه نديم قطيش على شاشة “المستقبل”. يلعب عنوان البرنامج على معنى الاختصار المعروف للحمض [&hellip
المزيد...يعتقل أحدهم أو يُقتَل، فتتبدّل الصورة. يزداد القتل، فتتسارع وتيرة تغيير الصوَر. تبقى، ولا تبقى. نقرة على المؤشريْن إلى يمين الشاشة ويسارها، تفضي إلى صوَر لمعتقلين سابقين، وإلى موتى قدامى. هل هم سابقون وقدامى فعلاً؟ هذه صوَرهم استلّها متتبع على عجل من بروفايلاتهم الشخصية، بلا تحضير مسبق، ووضعها كصوَر له تحت اسمه في اقتفاءِ أثرٍ متعب، وكثيراً ما يتلازم والانقطاع، كأن يهرب المتتبع مثلاً إلى صوَر الأفلام، ثم يعود إلى السواد الكامل، ثم صورة مموّهة له، ثمّ صورة أوضح، ثم صورة له في حفل، فعودة إلى صورة آخر ممهورة بشريط أسود. تمر الصوَر أمام نظر المتصفِّح. يقلّب فيها. يبدو الزمن عداءً. لكأنه ركض فجأة. أو صار أطول. فالموت الكثير يوحي بكثرة الأحداث. يُشعر بالقفز فوق حواجز كثيرة. هم الآخرون. وهو [&hellip
المزيد...كان آرون شوارتز مثالًا لناشط الإنترنت المنتِج. سعى في كل مساهماته، بدءاً من نظام “آر. إس. إس”، إلى تنظيم فوضى الويب العظيمة، باتجاه الويب الدلالي، أو الويب ذي المعنى. إنه حلم الويب الذي تفهمه الآلات أكثر، فتستوعب دلالات البيانات التي يحتضنها، وتفرّق بين المعلومات المتشابهة بكل ما يستتبعه ذلك من استحقاقات التغلب على ضخامة المعلومات، وغموضها، وتناقضها، وخداعها. يظهر هذا أيضاً باكراً في ورقة كتبها مع صديق في عمر الخامسة عشر، شارحاً فيها الويب ومشدداً على أهمية تكملته للوصول إلى الويب الدلالي: “أفضل ما في الويب أنه مجموعة من الأشياء الكثيرة يختلف في رؤيتها أناس كثيرون مختلفون”. ثم نلمح في الورقة ذاتها أكثر من استشهاد لكتابات تيم بيرنرز لي مبتكر الويب، والمعروف بكونه أكثر المتحمسين لجعل الويب ذا معنى أو [&hellip
المزيد...لم يولد فريق “مشروع ليلى” في خضم الثورات. سبقت ولادته الأحداث بعام وأكثر. لكنّ تفاصيل كثيرة في أغنيات الفريق جعلته على تماس فعلي مع مزاجات بانت مع بدايات الحراكات الشعبية. تنطلق معظم أغاني الفريق من مآسٍ فردية وتُرمَى على وضع عام. إنها تتجه من الشخصي الداخلي إلى الخارجي العام، ولا تخجل من أن تقول ضمنياً أو علانيةً إن العام لا يجب أن يطغَ على الشخص. على العكس، من الطبيعي جداً -بحسب الأغنيات- أن يوظَّف العام في الخاص اللحظوي، فيُمسي العالم كله خادماً لمزاج الفرد. وعلى النمط نفسه، يؤثر مزاج الفرد في العالم المحيط به، فيمسي الصواب (آتياً من خلفيات سياسية واجتماعية) تحت وطأة المزاج، مشكوكاً في صوابيته في أسوأ الأحوال، أو من عرضة للا مبالاة المطلقة في أحسنها. يبدو هذا [&hellip
المزيد...«أهلاً بكم في جمهورية العار». بهذه العبارة، ختمت «أل بي سي» مقدمتها الإخبارية مساء الثلاثاء الفائت، لتتحوّل تلك المقّدمة إلى ظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي. كثيرون تناقلوا المقدّمة، ووصل عدد زائري صفحتها على موقع «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال» إلى أكثر من 6 آلاف زائر، كما تابعها على «يوتيوب» أكثر من 27 ألف متصفح، وهو رقم قياسي نسبةً إلى مقدّمة نشرة إخبارية محليّة. بعد فترة من خطوة «أل بي سي» الأولى باتجاه شكل نشرتها الجديد ـ استديوهاتٍ وطريقة عرض ـ بدا أنّ شيئاً ما، كان لا يزال ناقصاً. تلا ذلك انتقاء دقيق لعناوين النشرة، إذ صارت تهجس بهمّ المواطن، أكثر من متابعتها لتحركات السياسيين.. إلى أن جاءت الخطوة الأخيرة، في إعادة صياغة المقدّمة بما يحترم تاريخ مقدمات «أل بي سي» البانورامية المعروفة، [&hellip
المزيد...كمغتربٍ يختار مقاطعة الأخبار التلفزيونية اللبنانية أحياناً، ذهلتُ لدى مشاهدتي إعلان «أم. تي. في ـ صورة للبنان»، على موقع يوتيوب. نسمع في خلفية الإعلان أغنية «لبنان القوي». وبعد نصيحة «أخوية» ـ قد تكون محقّة ـ حول كيفية الاحتجاج من دون التعدّي على حقوق الآخرين، يعلنُ لنا صوت مذيع القناة الشهير، أنّ شاشته قرّرت وقف التغطية المباشرة، لكلّ «الأحداث التي تشوّه صورة لبنان في العالم». ويحصُرُ تلك الأحداث المسيئة، بإحراق الإطارات، مع لقطات ممّا شهدته الشوارع خلال الفترة القريبة الماضية. تتقاطع تلك اللقطات، مع مشاهد لأعمدة بعلبك، وخليج جونيه، ومرافق سياحيّة أخرى. وعلى وقع هذه المشاهد، يؤكّد لنا الصوت، أنّ مطالب المحتجّين «قد تكون محقّة»، لكنّ القناة لن تساندها، إلا إن تمّ التعبير عنها بشكل «حضاري». تعمّدتُ الحديث عن مقاطعتي للأخبار [&hellip
المزيد...غالباً ما تتيح الأعمال اللاحقة على العمل الأول إعادة النظر، فهي إما تثبت النجاح السابق أو تؤكده كضرب حظ لا أكثر. في هذا السياق، يأتي العمل الثاني لفريق «مشروع ليلى» اللبناني، بعنوان «الحل رومانسي»، ليطرح أسئلة في هذا الاتجاه. ففيما جاءت أغنيات الألبوم الأول عن الهم الجَمْعي، مركّزة على تفاصيل سياسية (كالشهادة والحاجز والهجرة)، واجتماعية (الحب العابر للطوائف)، وموسيقية إرثية (تك تك يا أم سليمان، أو عمي بو مسعود)، يضعنا الألبوم الثاني وجهاً لوجه أمام فردية أكثر وضوحاً، محتفياً بالبؤس الفردي، وهارباً من صخب الخارج نحو صخب الداخل. هذا الانطباع سرعان ما يتأكد في الأغنية الثانية في الألبوم، «حبيبي». إذ بعد مقدمة ابتدائية تقول: «حبيبي بيحكي بالأجنبي، وبيلدغ بالعغبي (العربي)»، نظن أننا إزاء نقد اجتماعي مبطن. إلا أن هذا الانطباع [&hellip
المزيد...هذه رواية عائلية. تجلب من الذاكرة ما قدرت على استعادته. تقدّم وترجع الشريط، فتردم الفجوات بما تيسّر من صور وأحداث، ثم تبحث عن خط يوصل بين هذه الومضات، وإن بدا هذا الخط متقطعاً أحيـاناً وممتداً أحياناً أخرى. في «مربّى ولبن» (عنوان رئيسي يضاف إليه عنوان فرعي: «كيف أصبحت أمي لبنانية»)، لا تسعى لينا مرهج إلى صنع رواية مصورة كلاسيكية. تهرب من نموذج البداية والعقد والحلول، فتتبع أسلوب القفزات الزمنية من دون أي تتابع زمني. لكنها رغم ذلك، لا تقع في فخ الاسكتشات غير المترابطة، وتحافظ على شخصيات ثابتة تظهر وتختفي. وحدها أم لينا حاضرة دائماً، وإن غابت قليلاً تبقى في الخلفية مسيطرة على التفاصيل. هذه روايتها. يبدو المكان أساسياً في «مربّى ولبن». رأس بيروت مُصاغ بالألوان على غلاف الكتاب. تُرى [&hellip
المزيد...لعلّها من المرّات القليلة التي يبدأ فيها فيلم قبل عرضه على الشاشة، وتحديداً في الشريط الدعائي المروِّج له. المقصود هنا هو الشريط الدعائي الخاص بفيلم «رصاصة طائشة» لجورج الهاشم، المرفوع على موقع «يو تيوب»، الذي يبدو أكثر اكتمالاً من الدعاية المبتورة التي تعرضها قنوات التلفزيون ربما لقصر مدتها. في شريط «إنترنت»، نَفَس روائي مبهَم، سرعان ما يثبت نفسه أكثر مع مشاهدة الفيلم. إذ إن الشرائط الدعائية تكون أحياناً أكبر من الأفلام التي تروِّج لها، أو تسير في منحى مغاير، أو ربما تُصنَّع بشكل تجاري لدواعي التسويق. في حالة «رصاصة طائشة»، الأمر مختلف. الـ«ترايلر» هنا مقدمة ملائمة لما سوف يشاهَد في صالة السينما. إنه يشبه الفيلم تماماً في إيقاعه وموسيقاه وترقّبه. أما صوت المعلِّقة (الممثلة تقلا شمعون)، فيحيل إلى الحكاية قبل [&hellip
المزيد...