يسهل أن يتخذ المرء موقفاً فوقياً من التلفزيون، وأن يضعه في مرتبة ابداعية دنيا مقارنة بالسينما. ربما لأن المسلسلات، لم تقارب مواضيع جدلية كما السينما. أو لربما هي طبيعة وهوية التلفزيون منذ نشوئه، بحسب غير محبذيه من أنصار الأنواع الأخرى من الفنون. هذا جدال مستمر يحتاج نقاشاً مستفيضاً من أخصائيين في المجال، ولن يتوقف. على أن ارتباط المسلسل العربي حصراً بالعلبة المضاءة، وبدعم من خطاب أبوي عائلي جعله يخسر، وينزلق تماماً منذ نشوئه ناحية خطاب أخلاقوي إرشادي ووعظي مطعماً طبعاً بوَطانويّة رديئة. بدا الناتج التلفزيوني مضاء بما فيه الكفاية. لكنه يغطي فقط، وبإضاءة فاقعة ما يريده المجتمع لنفسه، وما يريده النظام للمجتمع. وهو في ذلك يبتعد تماماً عن عتمة صندوق باندورا (صالة العرض) الذي يذهب الفرد إليه بمحض إرادته وانتقاءاته، [&hellip
المزيد...هكذا تستعاد حربنا على الشاشة. من الإعلان المصوّر وصولاً إلى المباراة، «كلنا فريق واحد». من الكتف لصق الكتف والضحكة البلاستيكية. من ألوان القمصان المختلفة والقصاصات الملونة تنهمر على رؤوس اللاعبين. من النشيد الوطني في أكثر لحظات غنائه انكشافاً. «أم تي في» تعلّق على قلة تمرين الشباب البادية من أشكال أجسادهم. تسأل إن كان بعضهم قد خضع لحمية غذائية، وتنصح لاعبين يركضون للتحمية أن «يوفروا طاقاتهم الجسدية لما بعد بداية الماتش»، ثم تبدي قلقها من «انقطاع التيار الكهربائي خلال المباراة». «أكتر واحد حرِك هوي سعد»، تواصل المحطة. رئيس مجلس الوزراء يفقد لقبه على قناة «الجديد» لكنه لا يلبث أن يستعيده على «المستقبل» وشاشات أخرى. «الجديد» تعلن أيضاً «علي بزي هو ليونيل ماسّي، وابراهيم كنعان روبرتو كارلوس». المعلقان لا يرحمان اللاعبين من [&hellip
المزيد...«صَفْحَة «صَوْت وَصُوُرَة» تُصَدِّر يَوْمِيّا فِي جَرِيْدَة «الْسَفِير» الْلُّبْنَانِيَّة، تُعْنَى بِشَكْل أَسَاسي بِنَقْد وَمُتَابَعَة أَدَاء وَسَائِل الْإِعْلَام الْمَحَلِيَّة، الْعَرَبِيَّة وَالْعَالَمِيَّة. تُرَكِّزً عَلَى أَدَاء الْشَّاشَات وَوَسَائِل الْإِعْلام «الْحَدِيثَة» إِضَافَة إِلَى الْرَّادِيُو. كَمَا تَقَدَّم الْصَّفْحَة مَقَالَات مُتَخَصِّصَة عَن الَدِرَامَا الْعَرَبِيَّة». الأمر مقصود. الفقرة في الأعلى صنيعة «غوغل». فلنكن دقيقين. «الحركات» في الفقرة الأولى (وبعضها خاطئ) نتاج خدمة أطلقتها الشركة العملاقة لمستخدميها العرب في الرابع والعشرين من الشهر المنصرم، وتسمح لهم بتشكيل الكلمات في النص العربي. اسم الخدمة: «غوغل تشكيل». يحتوي موقع «تشكيل» حتى الآن عدة خدمات بسيطة، لكن فعالة. الخدمة الأولى تتيح للمستخدم كتابة نصه العربي بالأحرف اللاتينية (في حال غياب لوحة المفاتيح العربية لديه)، ثم تحوّله إلى الأحرف العربية (وهي ذات الخدمة التي تتيحها مواقع محلية أخرى أثبتت نجاحها كـ Yamli [&hellip
المزيد...تشير البوصلة المرسومة على الزاوية اليمنى من غلاف الأسطوانة المدمجة الأولى لفريق «مشروع ليلى» إلى أربع جهات: «المورال العام» شمالاً، «الدين العام» جنوباً، «شرقية» في الغرب (!)، و«غربيّة» في الشرق (!). لعل كسر «المورال» العام هو أكثر ما يميز الأغاني التسع في الألبوم الصادر حديثاً. يمكن البدء من تصنيف موقف الفريق في السياسة. فإذا ما اتبعنا النظرة الإقصائية التي اعتادها بعض المجتمع اللبناني، نتوهم بدءاً بإمكانية وضع «مشروع ليلى» في خانة أحد الفريقين السياسيين اللذيْن سيطرا على «المورال» العام في البلد لأعوام تلت 2005. يولد هذا الوهم لدى السماع الأول لأغنية «من الطابور». تسبق الأغنية استشهادات إخبارية من قناة «أل.بي.سي»، وترجمة فورية من مترجم قناة «الجزيرة» الشهير بصوته الأشهر، قبل أن تبدأ الموسيقى على عبارة «لبنان هو لبنان» للسيد حسن [&hellip
المزيد...«زوجي كان على تلك الطائرة. لكني أعلم في أعماقي انه ما زال على قيد الحياة». إنه مساء الإثنين. يعيد مستخدمون «تَوْتَرة» هذه الجملة مراراً على لائحة «تويتر» الخاصة بكارثة الطائرة الأثيوبية (ET409 ). لكن مهلاً. هذا ليس خبراً حقيقياً. إنها محاولة للتعاضد مع من قد يكون فقد حبيباً حقاً، أو زوجاً، أو أخاً أو صديقاً على تلك الطائرة. هي جملة معادة تتردد على لسان امرأة كلما حلت كارثة طيران، يمكن تذكر وردوها في أكثر من فيلم وأكثر من تقرير تلفزيوني كارثي لسقوط طائرة. يصر مستخدم هذه الجملة على «تويتر» على تضمينها بين مزدوجين لئلا يُحدث لغطاً. المستخدمون الآخرون يعيدون تصدير العبارة مع حرفيRT يسبقانها، يليهما اسم المستخدم كاتب الجملة. لـ«تويتر» أصول استخدام، عليك أن تورد اسم المستخدم الأول / مصدر [&hellip
المزيد...«تويتر» تحت ضغط. انتظِر للحظات وحاول الولوج إلى الموقع ثانية! يريكَ الموقع صورة لحوت أبيض ترفعه العصافير البرتقالية بخيوط زرقاء. هذه صورة سوريالية معادة صارت ماركة مسجلة لـ «تويتر». الى يمين الموقع، لائحة بالمواضيع «الجذابة» (trending topics)، و«هايتي» اسم يتصدر هذه اللائحة. بعد عدة محاولات فاشلة للولوج إلى الموقع الشهير، يفرج الموقع عن الصفحة الرئيسية الخاصة بحسابِك. كنتَ قد أضفتَ منذ أيام Ed Pilkington مبعوث الجريدة الانكليزية الشهيرة «ذي غارديان» إلى «هايتي»، إلى لائحة من تتابعهم من الناشطين على «تويتر»، والصفحة تنبئك بلسان «إد» أنه «صحا على سريره.. يهتز». لا يمر الكثير من الوقت قبل أن يتأكد الخبر: «هزة ارتدادية بقياس 61. تضرب هايتي». «ارتدادية»؟ بعد أيام على الهزة الأولى؟ تنهال «التويترات». إذا ما نقرتَ على اسم «هايتي» في المواضيع [&hellip
المزيد...مر عقد على بداية الألفية الثالثة. تحولت اليوميات السرية التي كنا ندونها في مفكراتنا الملونة إلى مدوناتٍ عامة. انتقلت ألبومات الصور الورقية الثقيلة إلى الشاشات أمامنا. وثـَّقنا انطباعاتنا اليومية وعلاقاتنا الاجتماعية في حساباتنا الشخصية على «فايسبوك». حياتنا على الأرض باتت تتوازى- بل تتواءم- مع حياتنا «الافتراضية» على الشبكة العالمية. الناس طبَّعت «الافتراضي»، وجعلته ملموساً، جزءاً من حياتها اليومية. زالت دهشة الاستخدام الأوّل. صار في استخدام اللفظ («الافتراضي») شيء من سخرية وتخلف عن اللحاق بتطور الأشياء. الناس سبقت علماء الاجتماع. يركض العلماء ليدرسوا «الظواهر» ولا يفلحون في «كمش» واحدة لتحليلها حتى ينشغلون عنها بأخرى ظهرت عن جديد. للولادة، الحياة الجديدة نصيب في هذا العالم. كثر يفرحون بأطفال وافدين على عائلاتهم من خلال نشر صورهم على حساباتهم الشخصية على موقع «فايسبوك» مثلاً. [&hellip
المزيد...متى ولد رمضان التلفزيوني؟ أقصى ما يمكن أن نتذكره نحن العشرينيين: «ألف ليلة وليلة»، وفوازير رمضان التي قدّمتها كل من الفنّانات نيللي وشريهان وفطوطة. وأتى بعدها المسلسل الدرامي من خارج الشهر ليتربع في الموسم التلفزيوني الأقصر. حتى صار رمضان شهر المسلسل الواحد، مثل «ليالي الحلمية» و«رأفت الهجان» وغيرها. وقد تحول شهر الصوم شهراً تلفزيونياً مصرياً بامتياز. يوجّه فيه سكان بيروت والجبال الهوائيات اللاقطة إلى الجنوب ناحية مصر، أو ينتظرون حنان المحطات المحلية لتستورد بعض المسلسلات المصرية. الحرب اللبنانية لم تكن لتعيق متابعة كهذه. فحلقات «رأفت الهجان» و«ليالي الحلمية» كانت تسجَّل على شرائط فيديو وتؤجَّر للناس إذا ما حصل قطع كهربائي لحظة بث الحلقة. ثم صعدت المحطات للفضاء. تفشى عرض المسلسلات واختفت الفوازير تدريجياً. بدا الأمر كحفل تسلم وتسليم. انضم الانتاج [&hellip
المزيد...كسرت سمر عبد الجابر رهبة تجربة النشر الأولى. مهندسة الكمبيوتر اتخذت قراراً جذرياً بالانتقال من الكتابة لنفسها ولبعض الأصدقاء، للكتابة العامة. «شو جاب لجاب؟ شو دخل الهندسة باللي عم تكتبيه؟»، كم مرة سمعت سمر هذا التساؤل؟ هل كانت تكتفي بابتسامة في كل مرّة؟ يمكننا أن نبدأ بالسؤال: «ما الذي تكتبه سمر؟». لكن السؤال هذا سيردّنا إلى نقاش الشعر الحديث، حراً كان أو مفعَّلاً أو موزوناً. هذا ليس موضوع المقالة، بل يتخطاه إلى نقاش آخر مستمر منذ أمد. فلنبسِّط الأمر، ولنتعامل مع قصائد سمر كقصص قصيرة جداً محكومة بفوضى الاحتمالات وأنانية العالم المعيش. في قصيدة «اليوم» تكتب: «لم أكن في الباص ذي الزجاج المهشَّم / الذي اصطدم في الحائط وكاد يقع في الوادي / أحياناً / كل شيء على ما يرام». [&hellip
المزيد...