حلوى الحرب على التلفزيون

نُشر في April 14, 2010

Share Button

2010 04 14هكذا تستعاد حربنا على الشاشة.

من الإعلان المصوّر وصولاً إلى المباراة، «كلنا فريق واحد». من الكتف لصق الكتف والضحكة البلاستيكية. من ألوان القمصان المختلفة والقصاصات الملونة تنهمر على رؤوس اللاعبين. من النشيد الوطني في أكثر لحظات غنائه انكشافاً.

«أم تي في» تعلّق على قلة تمرين الشباب البادية من أشكال أجسادهم. تسأل إن كان بعضهم قد خضع لحمية غذائية، وتنصح لاعبين يركضون للتحمية أن «يوفروا طاقاتهم الجسدية لما بعد بداية الماتش»، ثم تبدي قلقها من «انقطاع التيار الكهربائي خلال المباراة».

«أكتر واحد حرِك هوي سعد»، تواصل المحطة. رئيس مجلس الوزراء يفقد لقبه على قناة «الجديد» لكنه لا يلبث أن يستعيده على «المستقبل» وشاشات أخرى. «الجديد» تعلن أيضاً «علي بزي هو ليونيل ماسّي، وابراهيم كنعان روبرتو كارلوس». المعلقان لا يرحمان اللاعبين من سخريتيهما، فبعد تجريدهم من الألقاب، نسمع: «ليك ملّا رفعة من الوزير باسيل»، و«علي عمار لازم يعيد حسابته… وما بيقطع والسما زرقا». ثم لا يلبثان أن يبديا «قلقهما على نظارات آلان عون»، قبل أن يستفيضا في التحليل قائلين أن خطأ منظمي المباراة الوحيد ربما كان بـ«عدم توسعة الشباك أو تقريبهما للسماح بتسجيل الأهداف «.

«أل بي سي» أتت بمعلقين سياسي ورياضي، وأعلنت في النهاية أن عمرو موسى كان لـ«يتمنى أن يكون حكماً في هذه المباراة بعد ان أتعبه الكثير من اللاعبين في السابق خلال الأعوام الماضية».

أما المفاجأة على «المنار» فكانت التزامها بتعليق ذي «روح رياضية» قائلة إن (الرئيس) «سعد من أفضل لاعبي الفريق الأحمر»، ومستنكرةً غياب «مراوغة» علي عمار الذي وعد بها قبيل بداية المباراة، مشيرةً إلى «لمحات ممتازة من علي بزي»، ومبرزةً سيمون أبي رميا الذي «بلّش يعرض خبراته». يصاب أكرم شهيب بشد عضلي، يستغرب المعلقان «لأنه رياضي. أكيد السبب هي تسديدات علي عمار المركزة الصاروخية»، لتعلن القناة بعدها، وبمنتهى الأمانة، أن لاعبين يقعون من «تلقاء أنفسهم على أرض الملعب».

«تلفزيون لبنان» والغريمان في السياسة، قناتا «أو تي في» و«المستقبل» اشتركوا في تعليق رياضي واحد، وكان اجماع القنوات على سامي الجميل فتى المباراة لتسجيله «هدفيْن نظيفين».

هكذا مرَّت ذكرى الحرب كرنفالاً.

لقد أتيح للكثيرين أن يضحكوا. وُضِع السياسيون شخوصاً صغيرة داخل علبة مضاءة وقيل لمناصريهم، ولمناوئيهم، وللا مهتمين أن يشاهدوهم ويضحكوا. كانت الشخوص تلهث متعَبة خلف طابة، وحول بعضها في مدرج فارغ، مُنِعت الجماهير من الوصول إليه لأسباب أمنية في زمن «المصالحة».

أمس، كانت المباراة تشبه برامج الضحك على الشاشات. تطقش الضحكة في لحظة وتنتهي، مفسحةً الدقائق المقبلة لنكتة أخرى.

إنها قطعة الحلوى يقدمها أرباب الدولة، زهرية جميلة، بطعم الثمر السكّري، تمضَغ بسهولة ما إن توضَع في الفم. لا يمرّ الكثير من الوقت قبل أن يتحول طعمها إلى آخر غريب يشبه سنوات خمس مرت ولمّا تنتهِ بعد. ثم تذوب القطعة المحلاة فيما السياسة اليومية المعتادة بكل موبقاتها تتواصل.

من كان المدرّب في مباراة البارحة؟

نُشِرَ في صوت وصورة بجريدة السفير في 14 نيسان 2010