-1 ـ لما أكون غاضبةً، أقترف انتقاماتٍ صغيرة: حذاؤك الرياضي صارَ في الشارع. ـ 2ـ لما أغضب لا أصرخ. أصمت. أُراكِم أمراضاً مستقبليّة، فقط. ـ 3 ـ إذا ما ارتميا على الملاءة الموضَّبة، وسألـَتـْهُ عن الجزء الذي يفضِّله من جسدها، أهملَ وجهها من حساباتِه. هو عندها يفكر: »أنا لستُ في مقابلة عمل.. أنا لستُ في مقابلة عمل..« ـ 4 ـ أقلّ من عدد أصابع اليد الواحدة: المرات التي قبّل فيها يدها بعد زواجهما. ـ 5 ـ تحبسه في البدء في غرفة، ثمَّ تطرده مؤقتاً من البيت. تقول إنه يفسد عليها متعة التنظيف، بِـ»تنظيراته« المتكرّرة. ـ 6 ـ أصرَّ أن باستطاعته أن يكون رومنسياً. قال إنه سيحضِّر لها الفطور: عانى من كسر البيض، وبحث عن الملح في البراد. وبعد ثلاثين دقيقة [&hellip
المزيد...إنّ أرنباً أبيض يخرج من قبعة الساحر. ولأنه أرنب ضخم، فإنَّ جلسة السحر هذه، ستحتاج إلى مليارات السنين. وكل أطفال البشر يولدون على طرف الشعرات الدقيقة في فروته، مما يجعلهم يدهشون، مباشرةً، من جلسة الشعوذة المستحيلة. ولكنهم يكبرون ويغرقون أكثر في فروة الأرنب. حيث يمكثون، ويشعرون بالراحة بحيث لا يعودون أبداً إلى امتلاك شجاعة تسلق الشعرة. جوستين غاردر في روايته “عالم صوفي” يحدث أحياناً أن تنهض في الصباح كَسِلاً، أو مريضاً وتبقى لربع ساعة (أقل أو أكثر قليلاً) في سريرك. تنظر إلى السقف أو إلى فوضى الغرفة، أو تلحظ الغبار الذي التصق باللمبة وشريطها المدلّى من السقف. تفكّر بأنك ستمسح هذا الغبار اليوم، ولا تفعل. وتنهض بعد الوقت ذاك. تنظر خلال خروجك من الغرفة إلى الثياب المكدّسة فوق شنطة السفر [&hellip
المزيد...يا رجل كم أشتاق “للفلوكة”! تعرف “الفلوكة” طبعاً، لا؟ هذا القارب الصغير الذي تجد عدداً هائلاً منه راسياً في ميناء طرابلس. أبي يملك واحداً. يؤجِّره للسياح وللزائرين. هناك، على الجهة المقابلة للميناء، تجد هذا المحل الذي يبيع “السمكة الحرّة”. أقسم أنها أطيب “سمكة حرّة” تذوقتُها في حياتي. السر في التوابل، أظنّ. من الميناء، كنا نأخذ “الفلوكة” أنا والشباب حتى جزيرة الأرانب. صدقني إن قلتُ لك أنّ الماء هناك غير الماء. سآخذك غداً إلى بحيرة قريبة من هنا. لكن لا تخدع بمائها حتى لو كانت فرنسية. كنا نستلقي على طحالب صخر تلك البقعة الطافية المسماة جزيرة، ونأكل السندويشات. ننتهي من الغداء ثم نغطس ونلهو كأطفال. أتذكر الآن وتبدو صور المشاهد بعيدة. مضى عامان على وصولي إلى هذه المدينة الفرنسية الصغيرة. عامان! [&hellip
المزيد...(إلى ل.) بيروت توقفت السيارة عند التقاطع. بدا المشهد هذرياً: السائق في الخلف يطلق لبوق سيارته العنان كما لشتائمه، الشرطي أمامه يشير له بحركة عصبية بأن يتقدم، والشارة الضوئية المعطّلة تومض تكراراً بضوء أصفر. وقفت السيارة، وركض نحوه بائع اليانصيب، وبائع اللوتو، وبائع جلد الغزل، وبائع الأدوات الصينية الرخيصة، وصبية العلكة، وماسحو الزجاج من الأولاد. كانت الأمور تجنح نحو الفوضى المطلقة وهو ما زال يعيش حلم اليقظة ومعه سلبيته المطلقة. كان سبب ذاك التوقف وتلك الفوضى القادمة.. وردة. تمترس ولد الغاردينيا ويداه تلمسان الشباك نصف المفتوح. كان أمامه يسأله: “يعني بدك غاردينيا. بدك غاردينيا؟”. هو كان يفكر بـ “ل.”، وكيف أنها ذات مرة حملت وردتي غاردينيا على راحة كفها وشمَّتْهما، ثم وضعتهما في شعرها. كان يتذكر كيف ضحك لما رأى [&hellip
المزيد...عندما يعلو الصراخ، أُبقي على جمودي. عندما تكثر الجثث، أتململ. عندما أسمع النشيد الوطني، أجلس. عندما تنهمر الدماء، أطالب الدولة بالاستفادة منها وتكريرها. عندما تكتظّ ساحات الشهداء أسفل نافذتي، أغلق الستائر. عندما يُطلَب مني أن أرفع العلم خارجاً، أقفل النافذة. عندما يصلّون لبارئهم يسألونه انتقاماً مقبلاً، أدخّن سيجارة. عندما أكتب بيانَ ثورة، يتجشّأ طفلي حليباً عليه. عندما أحاول كتابة نصٍ جديد، ينتهي إلى مجموعة من علامات الوقف. عندما أقرأ الشتائم البذيئة للشاعر المناضل، لا أندهش. عندما أقرأ الملاحق الثقافية، أجدني أمام نشرة أخبار البارحة. عندما تحين ذكرى أحدهم، أشتري سيرته الذاتية وأحرقها. عندما أبتسم وأدير ظهري له، يعود إلى شحذ السكين. عندما أستمع لثنائية العنف والحضارة، أبتسم. عندما يحدثني أحد عن المبادئ، أضحك. عفواً، قصدْتُ أقهقه. عندما ينكزني الطفل المسلَّح، [&hellip
المزيد...دفتر يوميّات أحببْتُ الطريقة التي سرّحْتَ بها شعرك البارحة. (…) لمّا تبتسم، أحسّ بارتفاع الموسيقى الفجائي. (…) البارحة كرهْتُ حياتي. أحلم باليوم الذي أغادر فيه المنزل. يعاملونني كأنني فلتانة. أحتاج فعلاً إلى بعض الهواء. (…) لا تعلم فعلاً كم أحبّك، حتى وأنتَ صامتْ. (…) البارحة نظرْتُ إلى والدي وهو يكلمني وابتسمت. اليوم نظرتُ إليك وابتسمت. الابتسامة نفسها. أتعلم؟ تشبهان بعضيكما كثيراً. تملكان طبقة الصوت نفسها وحركة التلويح بالأيدي نفسها. (…) شكراً لوردة الفالنتين التي لم تصلْني يوماً. (…) ستكون موجوداً بقربي بعد عشر سنوات. أليس كذلك؟ . لما نظرْتُ إلى كلّ ما كتبتُه في دفتر يومياتي، فكّرْتُ: كم من الذي كتبتُه أعلنتُه له صراحةً؟ عشرة في المئة؟ أحضرتُ بعدها كل دفاتر يومياتي. أخذْتُ أعد عشّاقي منذ ثلاث سنوات حتّى الآن. [&hellip
المزيد...الكنبة الخضراء في زاوية المقهى، كوب القهوة بالحليب الذي يزداد ضخامةً عَرْضيَّة في كل مرة أزور فيها المقهى ذاته، الفرقة الموسيقية التي تعزف جازاً لاتينياً، العرق على صدغ المغنية والشعرات القليلة الملتصقة على الجبهة، باقة الورد الأحمر الجوري ترميها يد مجهولة من نافذة البيت الأثري، بقعة الماء الراكدة عند مدخل البناية، صفار البيض الذي سقط على زاوية البوتاجاز، الدخان الأسود المنبعث من ناحية الطريق البحرية، الهلال الأصفر المقلوب ككماشة رسمها أحدهم برداءة في خلفية المشهد الذي أنتِ فيه، العينان الخضراوان بين رمشين كُحِّلا بلون أسود، الحذاء الزاحف الذي يناسب مشية ساعة أو ساعتين أو أكثر، السترة المخططة بألوان خارجة من قصة بيت الحلوى الشيطاني الذي تؤكَل أبوابه ونوافذه وكل ما فيه، الابتسامة اللا إرادية على الثغر، العناق لحظةَ الموت المتلفز، [&hellip
المزيد...ذاكرٌ يا ترى سورَنا الأخضرَ، حيث كانت تفيءُ الطيورْ * يومها حبنا كان في حينا، قصةَ الوردِ لحنَ الزهورْ اليوم، مررتُ قرب محل الورد ذاته. هل تذكره؟ ذلك القابع تحت المستشفى في موقع استثنائي. يشتري منه مريدو المرضي الباقات، ويدخلون إلى مدخل المستشفى الشهير. وقفتُ عند الناصية وتذكرتُ باقتك الأولى. أتيتَ مع أمك حينها. دخلتَ غرفتي بالمستشفى على استحياء، فيما أمك تقوم بكل الخطوات «الاستباقية»: تؤهَّل بأمي، وتقدمك إليها، ثم تستفيض في شرح مؤهلاتك العلمية. كنتُ أنا قد كرهتُ الزوار على كثرتهم. شتمتُ إغماءاتي المتكرر والوزن الكثير الذي فقدتُه وأفضى بي إلى مثل تلك الحال. هناك في سريري كنتُ أنظر إلى يمام المستشفى يحط عند عتبة شباكي ويطير منتفضاً كلما علا صوت أمي أو أمك. (لا. لا أسب والدتك سراً [&hellip
المزيد...