ليلة ظلمـْتُ قطّتـكَ البليدة

نُشر في March 31, 2010

Share Button

الباب الحديدي لا يزال يقف حجر عثرة بيني وبين شرفتك. ألم يفطن مصمم الباب أن يترك بعض النتوءات لأقدام بعض عشاقك المجانين، أم أنّ الأمر مقصود؟

تباً. قدمي تتزحلق. أترحم الآن على الباب الخشبي رغم نثراته الظاهرة التي كان تفعل فعلها في ثيابي الصوفية.

خلويُّكِ يرنّ ولا أحد يجيب. عادتكِ السيئة لا تبطلينها. لا أدري لـِمَ يشتري الناس خلوياً يعرفون حق المعرفة أنه سينتهك خصوصيتهم إن كانوا لن يردوا عليه. أستطيع تخيل قطتك المكتئبة دوماً نائمة فوق الخلوي وأنت تفتشين عنه كعادتكِ. يقولون إنَّ اكتئابها هذا يرفع من سعرها، عجباً. أراكِ تلقين مخدات السرير على الموكيت بحثاً عنه، فيما القطة تشعر بالرجّات تحت بطنها، وتمضي تتثاءب من دون أن تتحرك. تستمتع بالذبذبات الخلوية القادمة من تحتها، وتفشلين أنتِ كعادتكِ في العثور عليه. ثمّ ترنين عليه من خلوي آخر، قبل أن تتذكري أنكِ أسكتِّ رنته في اجتماعك الأخير ونسيتِ إعادتها؛ وفي خضم كل ذلك، أبقى أنا عند الباب أحاول إيجاد طريقةً للدخول لا أوقظ بها أفراد عائلتكِ.

أنظر حولي. سألتقط حجراً وأرميه على شباك الطابق الأول حيث تقع غرفتكِ. لا خيار آخر لدي. حصاة صغيرة تحدث صوتاً يلفت انتباه من في الغرفة، ولنأمل أنكِ أنتِ في الغرفة.

لكن مهلاً. من كنَّس الطريق هنا؟ أين الحجارة؟ ألم تمر أية مظاهرة من هنا؟ ألم تستقر عربة إطفاء عند ناصية قريبة؟ أهذا شارع يشبه زمن المصالحة أم ماذا؟ بات الأمر مؤكداً. هذه ليلة سمجة كالنهار الذي سبقها.

أخيراً، بضعة حجارة! لا. هذا حجر صغير، لا ينفع. ذاك حجر متوسط الحجم، فلأجرب.

أرميه. أحقق إصابة قاتلة من المرة الأولى. أصير كاسر زجاج. وأكلِّف أباك مئة دولار جديدة. تـُضاء الأضواء وأسرع الخطى نحو سيارتي المركونة عند المفرق، حيث أجلس، وأنتظر. ألمح في المرآة الخلفية خيالاً وراء ستارة النافذة. خلويّ يرنّ باعثاً برنة شهيرة لموزارت. شاشته تضيء وتنطفئ: أنتِ.

– لِمَ لا تتخلصين من خلويك. يعاني الأمرّين معكِ. هل كانت قطتك البليدة نائمة فوقه كعادتها؟

– لا.

– ماذا إذاً؟

– وضعته في البراد خطأ. لو لم أشعر بالجوع لما كنتَ سمعتَ صوتي الليلة.

– ماذا نفعل غداً؟

– قياساً على ليلتنا هذه وعلى مزاج أبي، ما رأيكِ أن نشاهد فيلماً بلونيْن لشارلي شابلن؟

نضحك، ونخرج سويّاً من شاشة العرض إلى مقاعد صالة السينما، ونشاهد اللقطة التي فرغَت منّا.. للتو.

نُشِرَ في شباب السفير في 31 آذار 2010

2010 03 31