بْلا بْلا بْلا

نُشر في November 11, 2009

لا تعرفين ماذا حدث تلك الليلة؟ كنّا نشاهد فيلماً عربياً، والأضواء مطفأة. صنعنا بوشاراً من ذلك الذي يحضَّر سريعاً وتنتفخ أكياسه في دقائق في المايكرووايف، ثمّ جلسنا على الكنبة. لا. أحدنا كان على الكنبة والآخر كان مضطجعاً على الأرض تحت، مسنداً جسده إلى قدمي الآخر. لستُ أكيداً مَنْ منا كان تحت، ومَنْ منا كان فوق (أو لا أريد أن أتذكر). قبل جلوسنا، كنا قد نظَّمنا الكتب في المكتبة التي تحجب عنّا لون الحائط، بحسب التسلسل الألفبائي لأسماء كتّابها (ما تبقى من لون الحائط يشي بعمر الشقة). فتحنا الكتب وأخذنا نستعيد الإهداءات والخطوط التي خطّيناها بالقلم الرصاص تحت بعض العبارات. كنا نستحضر تاريخاً بسرعة فائقة، وبمشاعر مضطربة (well، مشاعري أنا كانت مضطربة، dear!). كان هناك شيء غير مفهوم، وكنتُ صامتاً، وكنتِ [&hellip

المزيد...

الميتات

نُشر في October 28, 2009

مارون «أرى الموت القادم. ليس كسابقه وحشياً، بل لن يشعر به أحد». قال له صديقه الميت في الحلم (أم كان كابوسا؟). نهض وقد أفرغ الكثير من ماء جسده عرقاً في ملاءات السرير. هي المرة الأولى التي يتذكر فيها حلماً من أحلامه. مبتسماً كان صديقه. يلبس جاكيتاً كحلية وبنطلون جينز وقميصاً كادت لتبدو بيضاء لولا بعض الخطوط. لم يتذكر أنه فتح له ذراعيه. لم يبد قديساً كما في أفلام التلفزيون: يرفع يده ويقول له اتبعني. لا. كان يبتسم فقط. قال جملته الوحيدة ثم اختفى. مشهد وحيد استغرق ثماني ساعات من النوم. كيف ذلك، لا يعرف. جلس. ثم التقط كتاباً عن السينما من أحد الرفوف القريبة. كان كتاباً عن مارون بغدادي. اكتشف أن بغدادي كان يحضر فيلماً أخيراً قبل أن يرحل. أراد [&hellip

المزيد...

الرِجلان

نُشر في October 7, 2009

تستقرّ رِجـْلاها في الحذاء الرياضي الزاحف بلا عناد يُذكَر. تمرَّان قرب الباب. تكـّة ما تصدر من الأعلى. تجتاز الرِجْلان الباب. تهبطان الدرج حتى المدخل الرئيسي. تتوقفان خارجاً لتستمتعا برطوبة العشب الخارجي النابتِ عنوةً رغم الحذاء الذي يغطيه. تتقدمان من جديد. تـُبطئان قليلاً قرب قطة تعيش مأساة الشارع. شيء ما يمتد من الأعلى ليمسّد على ظهر القطة. تكملان إلى تلك الحديقة. تستقبلان كرةً هربت من أرجلٍ صغيرة فتعيد إحداهما ضربها بلا تفنن كروي. صوت ما يأتي من الأعلى. تقفان قرب جحر نمل. تدوسان عليه بلا قصد ولا معرفة وتكملان إلى الأمام. رِجْلاها تسرعان الخطى حتى تصلا إلى ذلك المقعد الخشبي. تستقران كجمادٍ مرغَم ما إن يقرر شيء ما من فوق الاستقرار لدقائق في هذه البقعة. تبتعدان عن بعضيهما لأن الشيء ذاته [&hellip

المزيد...

حرامي الحكي

نُشر في September 30, 2009

(1) طاولة الكوي/ Rewind اليائسة الأربعينية في الداخل تستمع إلى فيروز: «فيا قلبُ كم شرَّدَتك رياح». على جانبها طاولة كيّ نـُصِبَت منذ ساعات ونُسِيَتْ في مكانها، وعلى الطاولة قميص قطني مخطَّط غُسِل أكثر من مرة حتى وَلدَ الكراتِ القطنيةَ الصغيرة على ياقته. اليائسة الأربعينية ـ في ثلاثينيّاتها ـ وضَّبَتْ سجادة عجمية للسبات الصيفي. فردَتْها ورمت كرات «النفتلين» البيضاء. أتَتْ صغيرَتها وأكلَت حبّة. بلعَتْها ولم تستجب لأمر البَصْق. أشربَتْها أمها حليباً ساخناً وأخبرَتْها قصة العفريت المنحوس ثم غنَّتْ لها حتى نامَتْ. اليائسة الأربعينية ـ في عشرينيّاتها ـ تقترب منه. هو مصنوع من مجموعة خيوط، ككرة جدتِها الصوفية («هل ماتت جدَّتكِ؟» يسألها في عشرينيّاتها فلا تجيبه). «لا تشدي هذا الخيط من منتصفه فهو خيط الوجدان»، يأمرها. «الوجدان لا يُمسك من المنتصَف. لا [&hellip

المزيد...

وداعاً أيها العالم العزيز

نُشر في June 17, 2009

تخطّ يدكَ المرتجفة على ظهر الصورة. ينادونَكَ من الخارج. تجيبهم أنكَ آتٍ. تخرج من غرفتكَ. ترَبـِّت على ظهر قطتكَ البيضاء للمرة الأخيرة، فتمتنع عن الهَرْهَرْة كأنها تعاقبك. تنظر إلى كروانِكَ الذي يعاني الاكتئاب المزمن منذ موت أنثاه. تصفِّر له فلا يجيبك. تنزل درجات البيت القليلة. تحمل ابن البوّاب على كتفيكَ كإعلان حليب “نيدو”، وتعدُه بطيارة تطير بآلة تحكم عن بعد. لا يفهم الصبي الجزء المتعلّق بالتحكم عن بعد. يريد طيارة فحسب. بسيطٌ هو في أحلامه لأنه لم يعرف بعد. ليتَه يبقى بسيطاً. ليته لا يعرف. تنزِله عن كتفيكَ وتدخل سيارتكَ راكباً لا سائقاً منذ مدة طويلة. تلوّح لهُ من وراء زجاج النافذة وتنطلق السيارة باتجاه الطريق السريع. تسمع زيادَكَ للمرة الأخيرة، وللمرة الأولى لا تضحك. لا تعني لكَ “آكّو” و”مصاري” [&hellip

المزيد...

ابتسمَ لكِ شارلي

نُشر في May 20, 2009

“ألم تفهم بعد؟ أنا فقط مثل هذا العالم حولك، لا أتغير. نحن لا نتغير”. هذا ما قلتِه لي تلك الظهيرة. أنا ومذ ذّاك أحلم، أتذكر أكثر ما أحلمه، وأهلع. نعم. أجزع لأني تذكرتُ حلماً. لا تضحكي. اعتدتُ أن أحلم طبعاً. من منا لا يحلم؟ هذا أمر أكيد. لكني اعتدتُ أيضاً أن لا أتذكر في الصباح التالي أياً من تفاصيل حلم الليلة. تتراءى لي منه فقط صور مبهمة. أعرف أني حلمت ولا أعرف مضمون رؤياي. ثم يحدث أن تمر أيام تالية قبل أن أصادف حدثاً من نوع ما، وأظن أني صادفت هذا الحدث من قبل. كأني حلمت به. الآتي سيحصل هكذا، أحضِّر نفسي. دائماً ما يخيب توقعي بالتفصيل القادم من الحدث، لكنّ هذا لا يمنعني من الإيمان أني فعلاً حلمت بذلك [&hellip

المزيد...

لا تظلمـوا الخنازيـر

نُشر في May 6, 2009

“إنه ينتشر”، أعلنت المذيعة. رُفِعَتْ  ركوة القهوة عن المنضدة، وانساب السائل الأسود رقراقاً داخل الفنجان. الأم التي تشرب القهوة في فنجانها الأزرق المفضّل أبصرت في نومها مطراً أسود غزير السقوط. استيقظت، وأضاءت التلفاز ففوجئت بالتقارير التلفزيونية تعلن ازدياد حالات الوفاة. في اليوم الأول بثت التلفزيونات صوراً لناس بكمامات زرقاء في مترو وقطارات أوروبا. وشت الصورة بحجم الهلع. لاحقاً في نهارٍ تالٍ، واكبت فصائل من الشرطة مجموعات من الأطباء البيطريين إلى مزارع في أنحاء البلاد. دخلوا بكماماتهم الزرقاء، أطلقوا غازاً قاتلاً، وخرجوا. هرب عمال المزارع. من وصل منهم إلى بيته سالماً نقل أخباراً لا تصدَّق عن المشهد. تحدثوا عن أجسادٍ سقطت في لحظة، عن أطنان من الخنازير النافقة المتكوّمة في الداخل، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب منها. هربوا وتركوا وراءهم في [&hellip

المزيد...

أحتفي ببطءِ ما يحدث

نُشر في April 29, 2009

  لا شيء غير “فريندز” يلحق قطرات المطر على الشباك بإصبعه من الداخل. يبتسم وحده. ترتسم ابتسامته على الزجاج أمامه. تلفّه متعة زائدة. يعود إلى فراغه المرتسم بلهاً على وجهه. لا شيء. لا شيء، والكثير من كل شيء. تطنّ  في ذاكرته أغنية مغرقة في القدم لكارم محمود. “عنابي، ترا، يا عنابي، ترا، يا خدود الحلييييوة”. يــجبر ذاكرته على التوقف فيفتح باب البراد. لا تضيء اللمبة داخله. يغلقه، ويعود فيفتحه. (الآن، يذكره الضوء في الداخل بمشهد في فيلم ديني تعرضه قنــوات التلفاز أوقات الأعياد). ينظر إلى رفوف البراد، فيجد طعاماً نسيه منذ مدة. يهيّأ له أن طبقةً خضراء استولت على سطحه. يدعه هناك رغم رائحته النفاذة، ثم يغلق البراد. يفتح خزائن المطبخ العلوية. لا شيء. يحتاج للتبضّع، يفكر. في ما بعد، [&hellip

المزيد...

البارحة

نُشر في April 15, 2009

فجأة، ظهر خيال فوقي. لم أعد حتى نصف الرجل الذي اعتدْتُ أن أكونه. هو البارحة. لقد حلّ فجأة. (من أغنية للبيتلز) ـ صندوق باندورا بيوت التنك تزنِّر المدينة. قاطنوها يأتون من بعيد. المطر يقرع السطوح، والرجل يجلس حول الطبلية الخشبية مع امرأته وأولاده. يأكلون ما تيسّر لهم من طعام. يعدّ الرجل قروشه القليلة، ما تبقى لديه بعد دفع ثمن وجبة المساء. السياح والصحفيون الأجانب يملأون الفنادق، في الغرف والأروقة والترّاسات. المقاتلون في الشوارع، ثمّ بوم. بدأت الحرب. ارتدى رجل بيت التنك بّزة داكنة. سينتسب إلى حزب أو حركة، لا يعرف عنهما شيئاً، ويقتل رجلاً كل يومين. هذا سيكون معدله طيلة الأعوام القادمة. سيقاتل مع الأغنياء وضدهم. لا فرق. نهر بيروت يثمل من الدم. الجثث ودم المعارك ومطر الشتاء تكفل فيضاناً [&hellip

المزيد...