“لا تفتح الباب للغرباء”

نُشر في May 16, 2007

Share Button

سنأتي قريباً لنتحقق من صحة المعلومات التي أوردتموها ، تقول الرسائل المتروكة عند مدخل غيرِ بيت. ال بي بي سي هي مؤسسة رسمية تحتاج إلى الدعم. ولذلك، على المواطن الإنكليزي أن يدفع ما يسمى رخصة مشاهدة التلفاز. هذه الرخصة تساعد ال بي بي سي على تقديم خدماتها التي تشمل 8 قنوات تلفزيونية، 10 شبكات إذاعية وأكثر من 50 تلفزيوناً محلياً، من دون تمرير إعلانات تجارية لتضمن بذلك استقلاليتها عن شركات الإعلان. داعمو الرخصة يقولون إنها تضمن عدم تحول قنوات ال بي بي سي إلى أدوات بث تجارية، وتسهم في عدم هبوط مستوى البرامج التي تعدّها وتبعدها قدر الإمكان عن الضغوط السياسية. أما بدل الرخصة فيصل في العام الواحد إلى 45.50 باونداً للتلفزيون الأبيض والأسود، ويرتفع إلى 135.50 باونداً للتلفزيون الملوّن.
ينص القانون على أنه يجب على كل من يمتلك تلفزيوناً أو جهاز استقبال أن يبلِّغ عنه. الرخصة موجِبَة في حال استخدام الجهاز لاستقبال البث الأرضي أو الفضائي للقنوات التلفزيونية. يشمل القانون بند التحقق من عدم وجود ما يسمى ب كارت تلفزيوني يضاف إلى جهاز الكومبيوتر ويمكّنه من استقبال القنوات المحلية.
يقول الموقع الرسمي للرخصة إنه يحق للمحققين أن يتابعوا حركة تنقل أجهزة التلفاز، وعلى من يبيع أو يؤجِّر أيّ جهاز تلفاز أن يبلِّغ عن مالكه الجديد خلال 28 يوماً من التغيير الحاصل. لكن ملاحقة الأجهزة القديمة التي يتم تداولها أو بيعها بشكل غير رسمي هو أمر بالغ الصعوبة.
يحتاج البيت الواحد لرخصة واحدة فقط وإن تعددت أجهزة الاستقبال فيه. يقسّم بعض ممن يتشاركون السكن ثمن الرخصة على المقيمين في البيت. هكذا، يخف المبلغ إلى الربع أو أقل بحسب عدد السكان. هذا الوضع لا يشمل البيوت الكبيرة التي تحوي شققاً منفصلة وخاصة بكل ساكن. في تلك الحالة، وَجبَت الرخصة لكل شقة.
يتساهل القانون مع بعض الحالات الخاصة، فالكفيف مثلاً يدفع نصف المبلغ فقط. المسنون الذين تخطت أعمارهم الخامسة والسبعين يعفون من الضريبة. لذلك، يعمد التلامذة الذين يعيشون مع المسنين إلى الاتفاق معهم على التصريح بأنهم هم مالكو أجهزة التلفاز. ذلك يعفي البيت بأكمله من دفع الرخصة. هذا يحصل في حالات نادرة جداً، فالمسنون هنا يعتبرون المثال عن المواطنين الصالحين الذين يفون بكامل التزاماتهم تجاه الدولة.
راجت في العامين الماضيين خدمات التلفزيون عبر الإنترنت. لجأ كثيرون إليها بسبب عدم الحاجة إلى إضافة الكارت التلفزيوني لاستقبال البث، وبالتالي فإنّ القانون لا يلحظها حتى الآن. وحده جهاز كمبيوتر موصول بالانترنت وباشتراك الخدمة ذاتها، يفي بالغرض. لكن هذه الخدمات تعيد مسألة عدالة الرخصة إلى الواجهة، ويتم الحديث عن تعديل الرخصة لتشملها أيضاً. تتميّز هذه الخدمة بتوفيرها قنوات محلية قد يصعب وجودها في باقات القنوات الفضائية المدفوعة الأجر سلفاً، ما يدفع بالكثيرين إلى الاشتراك بها. لكن غالباً ما يكون الاشتراك مرتفع الكلفة إذا ما قورن بعدد القنوات التي يوفرها. تحفّز بعض العروض الخاصة، من فترة إلى أخرى، أناساً على الاشتراك، وقد حصل ذلك خلال حرب تموز حيث أَمكَن متابعة الجزيرة بدولار واحد فقط على شرط الاشتراك بالسعر العادي (10 دولارات) للقناة الواحدة خلال الشهر التالي، قبل أن ترخص الخدمة فيما بعد ليشمل السعر ذاته مجموعة من القنوات تحت ما يسمى باقة القنوات العربية الإخبارية.
تحت عنوان ساخر: أعذار، أعذار، أعذار ، يتندّر الموقع الرسمي الخاص برخصة التلفزيون على الحجج التي يوردها السكان المتهربون من دفع الرخصة. كم هو مفاجئ عدد الأشخاص الذين يستقبلوننا بالملابس الداخلية في ردهات البيوت ويؤكدون أنهم لا يعيشون هنا … لا يهمنا أنك ظننتَ أن زوجتك قد اهتمّت بالموضوع. لم تدفع الرخصة وأنتَ مغرَّم .
توحي هذه الأخبار بمدى فاعليّة الملاحقة وجديّة الموضوع خاصةً بالنسبة إلى المنتقلين حديثاً إلى إنكلترا. إن عدم دفع الرخصة قد يعني غرامة تصل حدود الألف باوند وهي تعتبر انتهاكاً للقانون يعرّض المتهرب للمثول أمام المحكمة.
هل هناك وسيلة للتهرّب منها، إذاً؟
نعم. يقول أمين الإيراني الذي يعيش في مانشستر إنه لن يدفع ما يفوق المئة باوند بدلاً عن رخصة ليشاهد التلفاز بالألوان لعام. فهو يشعر بأن هناك من ينتقص من ذكائه وحريته. والحل؟ يتجنّب محادثة مع الغرباء إن التقاهم في ردهة الصالة: في أسوأ الأحوال، إن عرفوا أني داخل الغرفة، أجيبهم بعدم مقدرتي استقبالهم الآن . ماذا عن الأجهزة الكاشفة لاستقبال البث التي يقال إن المحققين يملكونها؟
هل تصدِّق تلك الترهات؟ كيف لهم أن يحدِّدوا ذلك؟ الجو مليء بالموجات التي تحمل بث القنوات الأرضية! .
في أسوأ سيناريو ممكن، يقول أمين: يأتي المحققون. يدقون على الباب. هم لا يستطيعون دخول البيت من دون إذن الساكن. لذلك تقتصر مهمتي على الالتزام بالنصيحة الشهيرة: لا تفتح الباب للغرباء، خاصةً إن أتوا من دون سابق ميعاد!
(المملكة المتحدة)

نُشِرَ في شباب السفير في  16 أيار 2007