إيفيفا

نُشر في December 3, 2008

Share Button

كانت تعشق ذلك الحذاء الزهري وتفضله على بقية أحذيتها. تجلس مع جدها وتقول له: “اربطلي ياه، فـلَّت”، ويقوم جدّها بالواجب كما دائماً، مبتسماً.مرةً طلبت منه أن يعلمها كيفية ربطه. قضى نهاراً كاملاً في تعليمها ولم يفلح. ذهبت إلى نومها حزينة. في الصبيحة التالية، أتت إليه بزهو: “أنظر! ربطت حذائي بنفسي”.

تلك كانت ربطتها الأولى. ذلك كان أول حذاء يحفَّظ في أرشيف ذاكرتها.اعتادت أن تقضيَ نهارها مع جدها السبعيني. لما لاحظت تدهور صحته، سألته عما يحدث له. كان يقول لها إنه سيذهب إلى فوق. لـماذا هو وليس هي، تسأل. يجيبها أنه من الطبيعي أن يذهب هو قبلها.

ترتفع حرارة الأسئلة: “شو فيه فوق؟”.

يصمت للحظة. ماذا يقول لها؟ في تلك الدقيقة، كانت “لولو السويعاتية” ترحِّب بجدها على ما تبقى من “تلفزيون لبنان”.

إيفيفا. إيفيفا. إيفيفا.

يخلق لها تعبيراً جديداً كعادته:”الإيفيفا تستقر فوق. لا تستطيعين أن تريها، لكنها هناك. لا تستطيعين أن تذهبي إليها، هي تأتي إليك من دون أن يتدخل أحد. لا واسطة ولا توصية تبعدها أو تقرِّبها. الإيفيفا فوق، تبدأ ولا تنتهي”.

لحظتها، لم يخطر بباله أن من يقرِّبون الإيفيفا سيكذبونه عما قريب. ولم تعرف هي أن النصر قد يأتي عن طريق حذاء قياسه 25 يستقر أعلى تلة خراب.ليلتها، كان يتابع الملاحق الإخبارية فيما هي تحلم في حضنه.طار الليل وصار الحلم كابوساً.إ

يفيفا. إيفيفا. إيفيفا.

أتـَتـْهما الإيفيفا – في غير لحظتها ـ سوياً. لم تدق الباب. لم تركض هي لفتحه كعادتها. أتتهما مباغتةً.

تستقرّ “فردة”الحذاء الزهري على تلك التلة المستجدّة من الركام. الفلاشات تلتقط صورتها، هي الخارجة سالمةً من غير أن تصاب بخدش.الإعلام أتى ليصوِّر ما تبقى منهما… وليس ما كان بينهما.هما فوق مع الإيفيفا ولولو في المسرحية التلفزيونية تعلن أنَّ الحبس أصبح كبيراً.

إيفيفا. إيفيفا. إيفيفا.

نُشِر في شباب السفير في 12 كانون الأول 2008


2008 12 03