في الأرض السوداء
نُشر في April 28, 2010
عدَّلت من ربطة حزامها. أطفأت شعلة النار البرتقالية بإصبعيها. لمست الجدار الملوَّن وهي تمشي، ثم جلست. مسَّدت على ظهر الفراشة القابعة على الزاوية اليمنى من مكتبها، فنامت وتوقف جناحاها عن الرفرفة. ستشرع الآن في كتابة قصة جديدة عن قزم، وستبدأها بالآتي:
«طرد القزم الذبابة التي استقرَّت بين شعيرات أذنه اليسرى بكتفه. نظر إلى ضلعه الأيسر، فرأى احمراراً. أحسَّ بقلبه ينبض حتى بان خارج جسده ورديّاً صغيراً كحبة تفّاحة ناضجة جميلة حدَّ النبذ، جميلة حدَّ الاعتقاد أنها تفاحة مسمومة حضرتها زوجة أب لأميرة بريئة، أو شيطان لنبي.
نبض قلبه لمّا تكلَّم معها. لكنه فرح أنه فاتحها وتخلّى عن صمته.
أجابته بطلب وحيد، بدا له، للوهلة الأولى، مخيفاً. قالت: «إذهب إلى هناك وعد إليَّ حيّاً بشيء يستخدمه أولئك الغرباء».
نظَرَتْ إلى خارج النافذة. كان الغيم البنفسجي قد بدأ يتسلل داخل غرفتها. بان قمرا الكوكب جليَّيْن في الخلفية. أحدهما أعظم من الآخر. أغلقت النافذة. فهي لا تريد لجدران بيتها الورقي الملوَّنة أن تتبلل وتشيخ باكراً.
تابعت كتابتها:
«تدحرج قلب القزم أمامه وهو يمشي. أمسكه بيده وأعاده إلى موضعه. وصله بالشريان مرة أخرى وعاد يسمع نبضه. وضعه في مكانه، وأنَّبه. قال إنهما سيصلان سويةً لهناك. لا يجب أن يسبق أحدٌ الآخر، قال. حدّث قلبه كما اعتاد أن يقرّع قزماً شقيقاًَ أتمَّ أسبوعه الأول ونجا من حادثة من غير أن تفترسه حشرة، ثم تابع مشيه».
أدارت الموسيقى. ثبَّتت النغمات الموسيقية جيِّداً في الهواء. هذا هواء لا لون له.
«وطأ القزم الأرض السوداء. تنقل بين البرك الحمراء اللزجة بخفة. (بعضها بان آسناً فتحوّل لونه إلى الأسود) صرخ فرحاً. أودّ أن أعيش هنا! قال».
توقفت. حدَّقت في فراشتها النائمة على زاوية المكتب اليمنى. لقد ملَّت الكتابة. ستتابع غداً. وضعت الريشة في قطعة الخشب المقعَّرة وعزمت أن تتوقف عند هذا الحد من قصتها. اليوم، ستترك قزمها – كتلة الشعر الخضراء هذه – في الأرض السوداء يحاول أن يعيش. يحق لها ذلك. أليست بجنيَّة كاتـبة؟
وكان أن استيقظت الفراشة على صوت جلبة تفكيرها، فطارت أمامها في فضاء الغرفة.
نُشِرَ في شباب السفير في 28 نيسان 2010