الرِجلان

نُشر في October 7, 2009

Share Button

2009 10 07

تستقرّ رِجـْلاها في الحذاء الرياضي الزاحف بلا عناد يُذكَر. تمرَّان قرب الباب. تكـّة ما تصدر من الأعلى. تجتاز الرِجْلان الباب. تهبطان الدرج حتى المدخل الرئيسي. تتوقفان خارجاً لتستمتعا برطوبة العشب الخارجي النابتِ عنوةً رغم الحذاء الذي يغطيه. تتقدمان من جديد. تـُبطئان قليلاً قرب قطة تعيش مأساة الشارع. شيء ما يمتد من الأعلى ليمسّد على ظهر القطة.
تكملان إلى تلك الحديقة. تستقبلان كرةً هربت من أرجلٍ صغيرة فتعيد إحداهما ضربها بلا تفنن كروي. صوت ما يأتي من الأعلى. تقفان قرب جحر نمل. تدوسان عليه بلا قصد ولا معرفة وتكملان إلى الأمام.
رِجْلاها تسرعان الخطى حتى تصلا إلى ذلك المقعد الخشبي. تستقران كجمادٍ مرغَم ما إن يقرر شيء ما من فوق الاستقرار لدقائق في هذه البقعة. تبتعدان عن بعضيهما لأن الشيء ذاته أراد أن يرتاح في جلسته. تعودان فتتجاوران ما إن يصبح الارتياح عيباً اجتماعياً.
رِجْلاها تصمتان وتلحظان دائماً الجزء السفلي من المشهد. لا تستمتعان بلذة المشاهدة البانورامية من فوق. تصمتان. تكتئبان. تركزان في العشب الأخضر الممتد أمامهما، في أرجلٍ فتيّةٍ يَلْحَقْنَ  بعضهنّ  ويأبينَ الانصياع لأرجل طاغياتٍ أخرى يختـَرْنَ  لهنَّ  طريقهنَّ  بحنان خانق.
تتنهد الرِجلان. يأتي جاران ذكران ويستقران أسفل المقعد نفسه. يتشاركون جميعاً اللحظة وتخف وحدتهما قليلاً. لكن الشيء في الأعلى يقرر أن يرفع رجلاً ليضعها على الأخرى بحبورٍ تحسبه الرجلان سخيفاً.
تبقى رِجـْل واحدة في الأسفل، على الرمل البني قرب الرِجـْلـَيـْن الذكرين. تتضرَّج بخفر وتخجل من الاستمرار في الحديث في هذا الازدحام الذكوري. تسأل زميلتها عن «الجو» في الأعلى غير الملامس لرمل الأرض. تجيبها بفرح أنها تستمتع بالجزء العلويّ من المشهد بعد انقطاع طويل. تعود عندها الرِجْل الأنثى الداعِسة على الثـَّبات البنّي إلى صمتها الكئيب.

نًشرً في شباب السفير في 7 تشرين الأول 2009